اودري لورد,الكاتبة و الناشطة النسوية الأمريكية ، قالت ذات مرة: “إن الصمت لن يحميك.”تأكد لي هذا الكلام عند عملي مع الناجيات من العنف القائم على نوع الجنس. الصمت لم ولن يحمي ضحايا العنف. في الواقع الصمت ووصمة العار التي تلف العنف الجنسي والعنف القائم على نوع الجنس يجب أن يقاوم باستمرار,بجره إلى دائرة النقاش, وتفكيكه بشكل مؤسس. حان الوقت لنرى الصمت على ما هو عليه – سلاحا قويا يستخدم لإخضاع النساء المحرومات، والفتيات، والأقليات بشكل عام. لذا علينا حين توافق الناجيات من العنف على التحدث عن تجاربهم، أن ندعمهن ونكّرم خياراتهن في مكافحة العزلة، وتحقيق التحرر الشخصي، و نزع وصمة الضحية.
منظمة ويتنس قد لعبت لفترة طويلة دورا أساسيا في النضال من أجل حقوق المرأة، وتعزيز هذه الحقوق عبر توفير الأدوات والموارد ذات الصلة لتعضيد مسيرة النضال و دعم الناشطين إقليميًا وعالميًا. لذا تماشيا مع هذا الالتزام، يسعدنا الإعلان عن إطلاق دليل “المقابلات مع الناجين من العنف الجنسي والعنف القائم على نوع الجنس” باللغة العربية.
غالبا ما تقع النساء والفتيات في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا فريسة لسلسلة مستمرة من العنف والقهرمن قبل أنظمة متقلبة ساسياً وسيطرة هياكل المجتمع الذكوري، والتفاوت الاجتماعي والاقتصادي المستمر، وقادة مستبدين يبدون اهتماما ضئيلاً بتعزيز المساواة بين الجنسين , لذا تجد النساء انفسها مورطة في انظمة تهيء لهن حماية محدودة وننبح لهن القليل من المكاسب السياسية. على الرغم من الدور القوي و الجوهري الذي لعبته النساء في ثورات الربيع العربي في 2011, الا أن حقوقهن شهدت تراجعا على جبهات متعددة.
ومن أجل ذلك تلتزم منظمة ويتنس بالعمل على إنهاء العنف الجنسي و العنف القائم على الجنس من خلال استكشاف الطرق المختلفة والتعلم من أفضل الممارسات لمساعدة المنظمات والشبكات الوطنية والإقليمية كي تعالج هذه القضية ومن ضمنها استخدام الفيديو.
مع أكثر من 20 عاما من الخبرة في مجال المناصرة بالفيديو، نشرت ويتنس مؤخرًا دليلاً باللغة العربية، يحدد أفضل الممارسات والاعتبارات الأخلاقية لصناع السينما، والناشطين، والمجتمع المدني لتصوير المقابلات مع الناجين من العنف الجنسي والعنف القائم على نوع الجنس. بالإضافة إلى اللغة العربية، الدليل متاح اايضاً باللغات الإنجليزية، و الفرنسية، والإسبانية والبرتغالية. كما أنتجنا أيضا سلسلة من ستة مقاطع فيديو تقدم نصائح ومعلومات إضافية حول كيفية إجراء مقابلات مع الناجين من العنف الجنسي والعنف القائم على الجنس.
رتبت النصائح في الدليل إلى مراحل عدة مراحل، التحضير للمقابلة، التحضيرخلال مقابلة، والتحضيربعد المقابلة. على الرغم من أننا ندرك أن إجراء مقابلات مع الناجين من العنف هي أولا وقبل كل شيء عملية إنسانية، فإننا ندرك أنه بدون وجود الموجهات المناسبة فإننا نخاطر باعادة الاذى النفسي للضحايا. على سبيل المثال، نحن نوجه الذين يجرون المقابلة لان يضعوا في اعتبارهم الفروق الدقيقة والتعقيدات التي قد تنكشف عندما يتحدث الناجين من العنف عن اتجاربهم المؤلمة. يساهم دليلنا في تأكيد مجهود حركات العدالة الاجتماعية وحقوق الإنسان التي تدرك جيداً ا أن النساء الناجيات من العنف لا ينبغي يعاملن على أنهن مجموعة صماء، بل التركيز على بناء قصصهن الفريدة والفردية لبناء حلول شاملة.
وأختم مرة أخرى باقتباس من اودري لورد التي ظلت تؤكد: “إذا لم اقم بتعريف نفسي بنفسي، فإني سأحشرها في أوهام الآخرين ويأكلونني حية.” بهذا الدليل نحن نمكن المنظمات غير الحكومية وصناع الأفلام والصحفيين و والنشطاء لافساح مساحة للنساء يسردن فيها قصصهن الفردية، ومحاربة الروايات السائدة، و سرد تفاصيلهن الخاصة. صوت و قصص الناجين لا تزال الطريقة الأكثر أصالة لإثارة الوعي العام بشأن هذه المسألة.