كتبت هذه المدونة لويتنس من قبل ميس الزعبي، ككاتبة ضيف. ميس الزعبي هي ناشطة حقوق إنسان من سوريا.
هي أيضاً مدربة في مجالات مختلفة لها علاقة بحقوق الإنسان وتنمية المجتمع المدني والمحلي.

ملايين من الأشخاص حول العالم شاهدوا فيديو بعنوان “طفل سوري بطل ينقذ شقيقته تحت وابل من الرصاص”. نشر الفيديو بداية على قناة يوتوب ولم يلقى انتشاراً واسعاَ حتى قام القائمون عليه بإعادة تحميله وأضافوا كلمة “بطل” لعنوان الفيديو فتلقى اهتماماً أكبر.

ثم قاموا بنشره عبر حساب تويتر من ثم  قامت شبكة شام الاخبارية بنشره عبر قناتهم على اليوتيوب.  شبكة شام هي شبكة سورية تعلن و توثق عن انتهاكات حقوق الإنسان وجرائم الحرب في سوريا، وهي ايضاً شبكة تنتج محتواها التلفزيوني الخاص، وايضاً عرض محتوى الآخرين. وفي خلال ساعات قليلة حصل الفيديو على عدد هائل من المشاهدات وانتشر الفيديو على وسائل الإعلام العربية و العالمية (المرئية و المكتوبة).

يظهر الفيديو قيام طفل بإنقاذ شقيقته الصغرى التي كانت تختبئ خلف سيارة خوفاً من رصاص قناصي جنود قوات النظام السوري. وتمكن الطفل “البطل” من الوصول إلى شقيقته رغم رصاص القناصة و أخذ بيدها ثم ركضا بالاتجاه المعاكس ليتواريا خلف حائط مبنى كبير.

هذه القصص البطولية تحدث بشكل يومي بأرض الواقع  في سوريا منذ اليوم الأول الذي بدأت فيه السلطات السوري باستخدام العنف وكافة أنواع الأسلحة ضد المتظاهرين و المدنيين في الأحياء المناهضة للحكومة. يتوزع القناصة على العديد من الأماكن، مترصدين فيه المارة دون التمييز بين مسلح أو مدني، طفل أو عجوز.

Image and video hosting by TinyPic

و يتم توثيق القصص والحوادث من هذا القبيل من خلال مراكز وسائل الاعلام المحلية داخل سوريا، مثل شبكة شام.  لذا عندما وصل  فيديو” الطفل السوري البطل” شبكة شام، قامت فوراً بنشره  من خلال قناتهم التي يتابعها أكثر من 80 ألف مشترك على اليوتيوب.

بينما قامت قنوات مثل العربية و صحيفة القدس العربي بنشر القصة دون التحقق من المصدر أو ذكر أي تحفظ عن عدم التأكد من صحة الحدث. قامت قنوات أخرى مثل روسيا اليوم بنشر الفيديو منوهة عن عدم قدرتها على التحقق من صحة الفيديو ومن الطرف الذي يقوم بإطلاق النار.

بعد يومين من انتشار الفيديو أطلقت بي بي سي ترند  تقريراً أعدته آن ماري تومتشاك و شارلوت ماكدونالد تحدثتا فيهعن الفيديو. تضمن التقرير مقابلة مع مخرج نرويجي يدعى لارس كليفبيرغ كان قد اعترف بعد الانتشار الواسع للفيديو أن هذا الفيديو هو فيلم قصير من اخراجه بتمويل من معهد الفيلم النرويجي.عمل مع لارس كليفبيرغ طاقم من الممثلين و المصورين المحترفين.

وقد تم تصوير هذا الفيديو في مالطا. فيما كانت أصوات الخلفية للاجئن سوريين يعيشون هناك. هنا قامت قناة الشام الإخبارية بإرسال رسالة إلى كافة الجهات التي تواصلت معهم مستفسرة عن الفيديو، موضحة فيه أن الفيديو ليس أصلياَ; مرفقة التقرير الذي نشر عبر بي بي سي ترند. كما قامت القناة بحذف الفيديو، بينما أبقت قنوات أخرى على اليوتيوب الفيديو دون أي توضيح أن هذا الفيديو تمثيلي.

[pullquote]“بعد أن أعلن مخرج الفيديو وكشف حقيقة الفيديو، وحرصاً منا على الآخرين وحفاظاً على مصداقية شبكة شام التي تحتوي آلاف الفيديوهات التي توثق الثورة السورية قمنا بإغلاق الفيديو” – جهاد شام مسؤول قسم الفيديو في شبكة شام الإخبارية. 
[/pullquote]

أثارتصريح المخرج النرويجي سخط العديد من الناشطين السوريين والإعلاميين وناشطي حقوق الإنسان حول العالم. وقام عدد كبير من الصحفيين و الإعلاميين والناشطين من جميع أنحاء العالم بالتوقيع على رسالة مفتوحة وجهت للجهات التي مولت الفيلم ومخرج الفيلم، أبدوا فيها استياءهم من هذا العمل و اعتبروه “طائش وغير مسؤول” . واعتبروا الطريقة التيتم فيها عرض هذا الفيلم وتقديمه للجمهور مضللة بطريقة مقصودة وأنه سيزيد من التشكيك في الفيديوهات والقصص التي تأتي من سوريا سواء كانت من خلال صحفيين مدنيين أو صحفيين محترفين. وفي اليوم التالي كتب القائمون على الفيلم رداً على نفس الموقع يبدون فيه أسفهم ويعتذرون عن عدم التوضيح مسبقا أن الفيلم تمثيلي.  وأن نيتهم كانت دفع العالم للتحرك لحماية الأطفال في سوريا و ليس الاساءة أو الإحطاط من مصداقية الصحفيين الذي يقومون بتغطية و نشر واعتماد الفيديوهات والقصص الأتية من سوريا. 

من البديهي أن فبركة أي قصة لجذب الانتباه هو فعل غيرأخلاقي لن يفيد قضيتك بأي شكل. ورغم أن العاملين على هذا الفيديو كانوا يقصدون جذب الانتباه لما يحدث لأطفال سوريا وإثارة النقاشات حول  حياد المجتمع الدولي تجاه حمايتهم. إلا أن القصة أثارت نقاشات أخرى حول مصداقية الفيديوهات التي تنشر عن سوريا وفيما إذا كان هذا الفيديو سيعتبر حجة يدحض فيها البعض آلاف الفيديوهات التي تعرض الانتهاكات التي يتعرض لها السوريون يومياً.

Image and video hosting by TinyPic

كيف تتأكد من مصداقية أي فيديو قبل عرضه:

إن لمقاطع الفيديو التي تنشر عبر الانترنت أهمية بالغة في جذب انتباه الوسائل الإعلامية لقضايا معينة ودفعها باتجاه تغطية إخبارية كاملة حول قصتك، و الذي بدوره سيدفع بمنظمات حقوق الإنسان إلى متابعة القضية وإصدار بيانات وفتح تحقيقات حول هذه الانتهاكات. لذا وجب التنويه أن التحقق من الفيديوهات والتأكد من مصداقتها هو واجب جميع المعنيين بالقضية وخاصة العاملين في مجال الفيديو (سواء أكنت ممن يصورون هذه الأفلام أو يرفعونها على الانترنت أو ينشرونها ضمن وسائل الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي أو كنت من المعنيين بأرشفة هذه الفديوهات من اجل المحاكمات لاحقاَ أو للتاريخ أو غيرها).

من الهام للغاية معرفة كيفية التصوير بطريقة فعالة. إن كنت المصور فعليك تقديم المعلومات الكافية التي ستمكن المشاهدين من التحقق من الفيديو بطريقة سهلة وفعالة سواء كانوا من الجمهور العام أو من وسائل الإعلام أو جهات حقوق إنسان رصد وتوثق الانتهاكات. وسنتحدث عن ذلك في مدونات لاحقة بالتفصيل.لكن الآن يمكنكم مراجعة موقع ويتنس والاستفادة من موارد ويتنس حول استخدام الفيديو من أجل التغيير.

إذا كنت مصوراَ أو مسؤولاَ عن صناعة الفيديوهات بإمكانك مراجعة موارد ويتنس التي تقدم نصائح وإرشادات حول كيفية صناعة الفيدوهات بطريقة تسهل عملية التحقق فيما بعد لأي من المشاهدين. فيما يلي بعض الموارد التي ستاعد، قم بتحميل:

  • السرد: ما هي المعلومات التي من المهم أن تقوم بسردها عند تصوير فيديو: هناك الكثير من المعلومات التي يمكن أن تذكرها قبل بداية سرد وصفك للحادثة. لكن تذكر أن الهدف هو تسهيل الوصول إليك للتحقق من هذا الفيديو وذكر أكبر قدر من المعلومات التي تمكن المشاهد من معرفة مكان وزمان وقوع الحادثة. لا تقم بذكر معلومات قد تضعك في خطر أو تعرض أي أحد للخطر.
  • تصوير موقع آمن: كيف تصور موقع بعد الحادثة التي تعتبر انتهاكاَ لحقوق الإنسان
  • التصوير ضمن فريق عمل
  • التصوير باستخدام جهاز الموبايل
  • كيفية التوثيق بعد التصوير: ما هي المعلومات التي يجب أن تحظها وترفقها بالفيديوهات التي توثق انتهاكات حقوق الإنسان وما أهمية القيام بها

أما إن كان دورك هو رفع مقاطع الفيديو على الانترنت، عليكم أيضاَ معرفة كيفية رفع مقاطع الفيديو على اليوتيوب بطريقة فعالة. يمكنكم الإطلاع على نصائح ويتنس حول أفضل الطرق لرفع مقاطع الفيديو على يوتيوب.

اما في حال أن الفيديو قد وصل إليك من مصدر مفتوح فإن هناك بعض النصائح والإرشادات التي تمكنك من التحقق من مدى مصداقية هذا الفيديو قبل المباشرة لتي تستخدمونها في قضايا المناصرة أو ضمن ملفات التحقيقات الجنائية كدليل. 

Image and video hosting by TinyPic

مبادئ رئيسية:

  • قم دائما بمراجعة كل فيديو مع جرعة من الشك.
  • حاول الوصول إلى المصدر: في كثير من الأحيان يكون الشخص الذي قام بالتحميل هو نفسه الذي يملك معلومات دقيقة عن مصدر هذا الفيديو، حاول بقدر المستطاع الوصول إلى الشخص الذي قام بتصوير هذا الفيديو
  • إذا لم تتمكن من الوصول إلى من قام بتصوير الفيديو حاول التحقق من الزمان والمكان والوصول إلى شهود عيان يؤكدون أن ما حصل في هذا الفيديو حقيقي.
  •  البحث العكسي عن الصور في جوجل: نسخ صورة مصغرة للفيديو وتحميله إلى” البحث عن الصور” في جوجل لمعرفة ما إذا كان هذا الفيديو متواجد في مصادر أخرى. وفيما إذا كانت المعلومات الواردة في هذه المصادر مطابقة لما هو وارد في هذا الفيديو.
  • التيقن مئة بالمئة هو أمر صعب للغاية بدون الحصول على الفيديو الخام (الأصلي)الذي بدوره يجب أن يحتوي على المعلومات الكافية حول المكان والزمان والواقعة . لذا حاول قدر الإمكان الحصول على الفيديو الخام من مصدره والبحث في معلومات الميتاداتا الخاصة بهذا الفيديو يمكنكم معرفة المزيد عن الميتاداتا من خلال دليل الأرشفة.
  • تحقق من المصدر الذي قام بنشر هذا الفيديو: هل هو مصدر موثوق؟ هل تعتقد أن لهذا المصدر أي مصلحة في نشر هذا الفيديو عدا نشر الحقيقة؟”
  • اقرأ المزيد عن التحقق ومصادقة الفيديوهات من خلال:

مصادقة فيديو من مصدر مفتوح: كيفية مصادقة فيديو انتهاك حقوق إنسان من مصدر مفتوح.  

دليل التحقق: الدليل الأساسي للتحقق من المحتوى الرقمي في حالات الطوارئ 

قبل نشر أي فيديو تحقق منه من عدة مصادر واجمع كافة المعلومات حول الفيديو: المكان والزمان والحدث وتواصل مع مصور الفيديو إذا أمكن. عندما تتأكد من صحة ومصداقية الفيديو قم بنشره.  أما في حال لم تكن متأكدا مئة بالمئة فلا تنشره وانتظر لحين جمع المعلومات الكافية عنه

 – جهاد شام مسؤول قسم الفيديو في شبكة شام الإخبارية.

عملت ويتنس بالتعاون مع شركائها في ستوري-فل (Storyful) على تجميع وتنسيق مئات من الفيديوهات التي تم مصادقتها والتحقق منها عن سوريا والسوريون في الشتات ونشرها من خلال قناة حقوق الإنسان على اليوتيوب وهي عملية تستغرق وقتاَ طويلاَ للتأكد أن الفيديوهات المنشورة على هذه القناة هي فعلاَ مطابقة لما تدعيه.

يجب اذاً التأكد من محتوى الفيديو، حتى لا نقع في خطأ استخدامه في سياق آخر، مخاطرين بمصداقية الفيديوهات الحقيقية الأصيلة الأخرى. والتي بالمحصلة ستلغي أهمية كافة فيديوهات حقوق الإنسان لاحقاّ.

هذه المدونة هي ضمن سلسلة عن أهم الممارسات التي تمكنكم من تصوير فيديوهات حقوق الإنسان بطريقة أخلاقية وفعالة وتسهل على المتابعين التحقق من مصداقيتها بطرق سهلة و أيضا عن أفضل الممارسات لنشر مقاطعكم عبر الانترنت وكيفية حفظ الفيديوهات الخاصة بكم بطرق آمنة وسليمة وذلك كي تضمنوا أن هذه الفيديوهات هي حليفكم في قضايا حقوق الإنسان التي تناضلون من أجلها .

للإطلاع على المزيد من مواد وبتنس يمكنكم زيارة موقع ويتنس باللغة العربية قسم الموارد  .

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *